التأمين الصحي في سلطنة عُمان يمهّد الطريق للتغطية الطبيّة الشاملة
لا شكّ في أنّ التأمين الصحي البسيط بتكلفةٍ مقبولة والذي يُمكن توقّعه ويوفّر شبكة أمان خلال الأوقات غير المتوقّعة، يُعتبر حاجةً ملحّة في زمننا الحالي. ففي أعقاب انتشار الجائحة العالمية، أدرك الناس التحدّيات التي تشكّلها التكاليف الطبية غير المتوقّعة، والوصول إلى المرافق الطبية عالية الجودة وتكاليف الاستشفاء المتزايدة. فازدادت منذ ذلك الحين أهمية التغطية الطبية الشاملة.
توفّر تغطية التأمين الصحّي عالية الجودة راحة البال إذ تُمكّن المرضى من التركيز على تحسين صحّتهم وعافيتهم، فضلاً عن اختيار أفضل العلاجات المتاحة بدلاً من القلق بشأن تكاليفها.
ووفقاً للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، بلغ عدد سكان السلطنة ٤٥٢٧٤٤٦ نسمة بنهاية شهر ديسمبر من العام ٢٠٢١، ويشكّل العُمانيون ٦٢٪ منهم بينما يمثّل المغتربون ٣٨٪. ويتمتّع المواطنون برعايةٍ صحية مجّانية في المؤسّسات التي تديرها الدولة، بينما يختار المغتربون في العموم تلقّي العلاج في المستشفيات أو العيادات الخاصة.
ومع ذلك، تتزايد نسبة المواطنين العُمانيين الذين يختارون تلقي العلاج في مرافق الرعاية الصحية الخاصة بسبب عوامل عدّة مثل سهولة الوصول إلى الخدمات أو الراحة أو إمكانية الإحالات إلى عيادات أخرى. وحين يتعلّق الأمر بالتأمين الصحي في سلطنة عُمان، تُظهر البيانات الصّادرة عن الهيئة العامة لسوق المال في سلطنة عُمان أنّ الأقساط المحلية الإجمالية التي حصلت عليها شركات التأمين ارتفعت بنسبة ٣٪ لتبلغ ٤٧٩٨٥٧ مليون ريال عُماني في العام الماضي، مدعومةً بزيادة نسبتها ٥,٦٪ في إجمالي أقساط التأمين المباشرة من قطاع الرعاية الصحية، أي ما يساوي ١٦٣٨٦٦ مليون ريال عُماني عام ٢٠٢١، مقارنةً بـ١٥٥١٩٣ مليون ريال عُماني عام ٢٠٢٠. وفي الوقت نفسه، ارتفع إجمالي الأقساط المباشرة لشركات تكافل للتأمين بنسبة ١٦,٧٪ ليصل إلى ١٣١٤٨ مليون ريال عُماني عام ٢٠٢١، مقارنةً بـ١١٢٧١ مليون ريال عُماني عام ٢٠٢٠.
تمثّل خطة تكافل لمجموعة الصحة حوالي ٨٪ من خدمات الرعاية الصحية التي تقدّمها سائر الشركات.
وعلى نطاقٍ أوسع، أشار استطلاع الاتجاهات الطبية العالمية لعام ٢٠٢٢ إلى وجود تفاوتٍ كبير في الزيادات على تكلفة خدمات الرعاية الصحيّة في جميع أنحاء العالم، ويعود ذلك إلى ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد-١٩ في بلدان مختلفة وفي فترات مختلفة خلال عامَي ٢٠٢٠ و٢٠٢١، حيث انخفضت بنسبة ٤,٨٪ لتعود وترتفع عام ٢٠٢١ إلى ٨,١٪. ومن المقدّر أن يبقى الاتجاه المتوقّع لتكلفة مزايا الرعاية الصحيّة على المسار نفسه في العام ٢٠٢٢ بمتوسطٍ عالمي يبلغ ٨,١٪.
ومن المتوقّع أن يتراوح متوسط الزيادات في مختلف المناطق في العام ٢٠٢٢ من ١٤,٢٪ في أمريكا اللاتينية إلى ١٠,٦٪ في الشرق الأوسط وإفريقيا و٧,٦٪ في آسيا والمحيط الهادئ و٦,٧٪ في أوروبا. وبناءً على أبحاثٍ أخرى أجرتها شركة "ويليس تاورز واتسون"، قد يبلغ متوسّط اللجوء إلى الخدمات الطبية في الولايات المتحدة ٧,٦٪ عام ٢٠٢٢.
ومن المتوقّع أن تستمرّ تكاليف الرعاية الصحية بالارتفاع إلى ما بعد العام ٢٠٢٢. ويتوقع أكثر من ثلاثة أرباع شركات التأمين الصحي ارتفاع نسبة اللجوء إلى الخدمات الطبية بشكلٍ كبير على مدى السنوات الثلاثة المقبلة. ويتوقّع حوالي ٨٢٪ من شركات التأمين في الشرق الأوسط وإفريقيا لجوء العملاء بشكلٍ متزايد إلى الخدمات الطبية خلال هذه الفترة.
ومع ذلك، من المتوقّع أن تستمرّ مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي العُماني في الارتفاع في المستقبل نظراً لتزايد عدد سكانها، والإصلاحات الجديدة التي يتمّ تنفيذها واللجوء إلى التكنولوجيا المتطوّرة في هذا المجال.
مبادرة ضماني لتعزيز عملية تقديم خدمات رعايةٍ صحية عالية الجودة
في إطار محاولة جماعية لتحسين قطاع الرعاية الصحية على مستوى البلاد ككل، بذلت حكومة سلطنة عُمان جهوداً جديرة بالثناء لوضع سياسات وأنظمة جديدة من شأنها أن تولي الأهمية الكبرى لصحّة سكانها ورفاهيتهم. فطُرحت مبادرة ضماني، وهي الوثيقة الموحّدة للتأمين الصحي التي قدّمتها الهيئة العامة لسوق المال، لتكون بمثابة خطوةٍ مهمة تسلكها الدولة في الاتجاه الصحيح وتشكّل مبادرةً قيّمة من قِبل صانعي السياسات في الدولة.
يضمن كلٌّ من العُمانيين والمغتربين حصولهم على تغطية التأمين الطبي الأساسي ومزاياها من خلال جعل التأمين الصحي إلزامياً لجميع موظّفي القطاع الخاص في الدولة. ودعماً لهذا المخطط، أشارت الهيئة العامة لسوق المال إلى أنّها تتوقّع من مبادرة ضماني أن تعزّز توفير خدمات الرعاية الصحية العالية الجودة لتمنح المواطنين والمقيمين في سلطنة عُمان أفضل برامج التأمين الصحي.
في الواقع، تم إشراك أوّل 100 شخص من أصحاب المصلحة ممّن سيشاركون في تقديم برنامج ضماني وتمّ تسجيلهم على المنصّة، التي ستشكّل ركيزةً أساسية لبرنامج التأمين الصحي الإلزامي في السلطنة، علماً أنّه يُعدّ رمزاً لإحراز تقدّمٍ ملحوظ قبل طرح المشروع المخطط له.
التأثير على قطاع التأمين الصحي في سلطنة عُمان
أولاً، كانت مبادرة "التأمين الصحي للجميع" بمثابة الدفعة اللازمة لتعزيز نمو الصناعة في الفترة القادمة. وأدّى برنامج الوثيقة الموحّدة للتأمين الصحي إلى نمو سوق التأمين الصحي بشكلٍ كبير هادفاً إلى تغطية أكثر من مليونَي عامل وموظّف في القطاع الخاص.
ثانياً، سيساعد قانون برنامج الوثيقة الموحّدة للتأمين الصحي الجديد في رفع بعضٍ من أعباء الرعاية الصحية عن حكومة سلطنة عُمان بينما يمهّد الطريق لإنشاء سوقٍ قوية للتأمين الصحي في القطاع الخاص فضلاً عن فتح مؤسّسات جديدة للرعاية الصحية. وبحسب الهيئة العامة لسوق المال، يُعدّ قطاع التأمين الصحي في سلطنة عُمان مهيأً لمضاعفة قيمته الحالية وذلك عبر دخول مجموعةٍ جديدة من حاملي وثائق التأمين والمستثمرين ومؤسّسات القطاع الخاص إلى السوق المحلية. وبناءً على هذه الإحصاءات، تُعدّ سلطنة عُمان سوقاً رئيسية بالنسبة إلى الجهات العالمية.
والنقطة الثالثة والأهمّ، يعمل برنامج ضماني كمنصةٍ لتبادل المعلومات الصحية، وتسوية المطالبات، وتحويل الأموال، وتقديم طلبات الموافقة والتحقّق، وفحص التغطية التأمينية بين الأطراف المعنية في برنامج التأمين والمشرفين على الجهات الرقابية في السلطنة.
والجدير بالذكر أنّ إنشاء بوابةٍ موحّدة للتأمين الصحي يعكس التزام الدولة بإدارة التحسينات في هذا القطاع. يتماشى برنامج ضماني مع النظرة المستقبلية الصحية 2050 لسلطنة عُمان التي تسعى بدورها إلى تأمين حياةٍ صحية وتعزيز جودة حياة سكّانها عبر وضع نظامٍ صحّي منظّم ومُنصف وفعّال وسريع الاستجابة يرتكز على القيم المجتمعية المتمثّلة بالإنصاف والعدالة الاجتماعية.
العافية الشاملة للناس
لا يمكن تحسين قطاع الرعاية الصحية بشكلٍ عام إلّا إذا أصبح مسعىً مجتمعياً يساهم الجميع في تحقيقه. ويأتي برنامج ضماني إثباتاً على القول المأثور "الصحة كنز لا يفنى" فيؤكّد أنّ الأشخاص هم أهمّ الأصول بالنسبة في كلّ بلد. وكشفت جائحة كوفيد-١٩ عن أنّ الرعاية الصحية هي واحدةٌ من أهم الركائز التي يُبنى عليها المجتمع.
التأمين الصحي للجميع"" هو أكثر من مجرّد شعار إذ بات مبدأً يساعد على تعزيز التلاحم والاندماج الاجتماعي، ومدعوماً من نظام رعايةٍ صحية قوي وثقة كبيرة بدفع الاقتصاد إلى التقدّم.
وفي ظل بيئةٍ يكتنفها الغموض، تمتدُّ التغطية التي توفّرها شركات التأمين الصحي إلى الموظفين وكذلك أصحاب العمل. فمع التأمين الصحي الإلزامي، يشعر الموظّفون بالأمان إذ سيحظون بالعناية التي يحتاجون إليها، ممّا ينعكس إيجاباً على إنتاجيّتهم ومعنويّاتهم ويساهم في غرس ثقافةٍ إيجابية في مكان العمل. والآن، بات باستطاعة الشركات تصميم باقات تأمينٍ صحي تدعم موظّفيها بشكلٍ أفضل، وفقاً لأقساطٍ قابلة للتطبيق، مع تلبية احتياجاتهم الطبية الأساسية.
تسعى سلطنة عُمان إلى الحفاظ على أقصى درجات الشفافية في قطاع التأمين الصحي، ودائماً ما تحرصُ على الحفاظ على الروح التنافسية في السوق كنتيجةٍ لذلك. بالتالي، تعمل شركات التأمين عن كثب مع كيانات القطاع الخاص والشركات للتوصّل بشكلِ دوري إلى برامج مبتكرة وباقات شاملة مناسبة ومريحة وبتكلفةٍ مقبولة. فطرحت سيغنا برنامج اختيار سيغنا الذي يوفّر برنامج رعاية صحية شاملاً ومحلياً ومقبول التكلفة مصمّماً لسوق سلطنة عُمان وذلك بهدف تقديم أفضل خبرات سيغنا في مجال الرعاية الصحية للموظّفين في سلطنة عُمان.
تُعتبر سيغنا شركةً عالمية رائدة في مجال التأمين الصحي في المنطقة، ولاحظت تغيّراً واضحاً في نسبة الوعي بشأن أهمية الصحة خلال الجائحة، إذ حثّت الأزمة الأفراد والمنظّمات على إعادة النظر في بوليصة التأمين الصحي الخاصة بهم والمطالبة بتغطيةٍ طبية أكثر شمولاً تأتي بنتائج مثمرة ذات قيمة مُضافة. واليوم، تزداد الحاجة أكثر من أيّ وقتٍ مضى إلى إيجاد حلول رعاية صحية بسيطة وشفافة بأسعارٍ مقبولة على مستوى المجتمع ككلّ، وإذا بسلطنة عُمان تتّخذ الخطوات الصحيحة لتلبية هذه الحاجة.