الإجهاد في مكان العمل يستنزف صحة الموظّف وإنتاجيّته
لا شكّ في أنّ كلّ من مارس عملاً ما في حياته شعرَ في وقتٍ ما بالضغط الناجم عن الإجهاد المرتبط بالعمل. يمكن لأي مهنة أن تحتوي على عناصر إجهاد مهما كان الموظّف يحبّ عمله. كما قد يواجه من وقتٍ إلى آخر ضغوطاً ناجمة عن الالتزام بالموعد النهائي أو أداء مهمةٍ صعبة. ومع ذلك، عندما تكثر ضغوط العمل، قد تؤدي إلى الإرهاق وتضرّ بالصحة الجسدية والعاطفية.
في الواقع، أُجري عام ٢٠١٥ تحليلٌ مؤلّف من ٣٠٠ دراسة [١] يبيّن أنّ الممارسات الضارّة في مكان العمل تنعكسُ سلباً على بيئة العمل والموظفين، كما قد تؤدي إلى أمراض واعتلالات جسدية، تماماً مثلما يُعتبر التدخين غير المباشر مادة مسرطنة. تشمل الممارسات الضارة في مكان العمل ساعات العمل الطويلة وغير المُنتظمة أو غير المتوقّعة، فضلاً عن النزاعات في العمل والأسرة، وانعدام الأمن الاقتصادي الناجم عن فقدان الوظيفة، والافتقار إلى التحكم في الوظيفة، وغياب التأمين الصحي كما في بعض البلدان.
ويقدّر المنتدى الاقتصادي العالمي أنّ الأمراض المزمنة تستهلك حوالي ثلاثة أرباع الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية، في حين أنّ الأمراض غير المعدية أسفرت عن ٦٣٪ من نسبة الوفيات. [٢]
نقدّم في ما يلي بعض النصائح حول كيفية تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة:
- تعلّم كيفية الاسترخاء. يمكن لتقنيات عدّة أن تساعد على التخلص من الإجهاد كالتأمل وتمارين التنفس العميق وتمارين اليقظة. ابدأ بتخصيص بضع دقائق يومياً للتركيز على نشاطٍ بسيط، مثل التنفس أو المشي أو الاستمتاع بتناول وجبة ما. وعلى الرُّغم من أنّ ممارسة هذه التمارين قد تمثّل تحدياً في البداية، إلّا أن قُدرتك على التركيز ستتحسّن مع الممارسة، وستجد أنّه يمكنك تطبيقها في جوانب أخرى من حياتك.
- وضع الحدود. في خضمّ هذا العالم الرقمي، يزدادُ الضغط على المرء إذ يحاول أن يكون متوفّراً على مدار الساعة، سواء عبر البريد الإلكتروني أو وسائط الدردشة أو وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك، يتبيّن أنّه من المهم أن تضع حدوداً فاصلة بين العمل وحياتك الشخصية. وقد يتجلّى ذلك في عدم التحقق من البريد الإلكتروني في المنزل عند المساء، أو عدم الإجابة على الهاتف أثناء العشاء. صحيحٌ أنّ تفضيلات الأشخاص تختلفُ في ما يتعلق بمدى ربط الحياة المهنية بالحياة الشخصية، إلا أنّ وضع حدود واضحة بين هذين العالمَين قد يقلّص النزاعات في العمل والمنزل ممّا يؤدي بالتالي إلى تقليل نسبة الإجهاد.
- تخصيص الوقت لاستعادة النشاط.لا شكّ في أنّك تحتاجُ إلى وقتٍ لتجديد نشاطك واستعادة أدائك السابق لمرحلة الإرهاق وذلك لتجنّب الآثار السلبية للإجهاد المُزمن والإرهاق. تتطلّب عملية التعافي الابتعاد عن أجواء العمل عبر تخصيص الوقت لممارسة أنشطة غير متعلّقة بالعمل. لذلك، من المهم أن تنقطع عن أجواء العمل من وقتٍ إلى آخر بطريقةٍ تتلاءم مع احتياجاتك وتفضيلاتك. ولا تدع أيام عطلتك تذهبُ سدى. فكلما سنحت لك الفرصة، خذ إجازة للاسترخاء حتى تعود إلى العمل مفعماً بالحيوية ومستعداً لتقديم أفضل ما لديك. عندما لا تستطيع أخذ إجازة، احصل على دفعةٍ صغيرة من الطاقة وأطفئ هاتفك الجوّال وركّز على الأنشطة غير المتعلّقة بالعمل لفترة من الوقت.[٣]
المراجع:
[١] جمعية العلوم والسياسات السلوكية، عوامل الإجهاد في مكان العمل والنتائج الصحية: السياسة الصحية لمكان العمل: https://behavioralpolicy.org/wp-content/uploads/2017/02/BSP_vol1is1_Goh.pdf
[٢] المنتدى الاقتصادي العالمي، العبء الاقتصادي العالمي للأمراض غير المعدية:https://www.weforum.org/reports/global-economic-burden-non-communicable-diseases
[٣] جمعية علم النفس الأمريكية، التعامل مع الإجهاد في العمل:https://www.apa.org/helpcenter/work-stress.aspx